ما ينفكّ شاعرُ الجزائر الفحل الأستاذ محمّد العيد آل خليفة ــ مُرهف الإحساس لما يُصيبُ الجزائر , فيّاض الشّعُور بما يُجبشُ بها صدرُها , فلا يمُرّ يوم من أيّامها إلاّ وكان له فيه موقف ينطقُ فيه بلسانها ويُسجّلُ شعره الخالد آلامها وآمالها , ومن ذلك هذه الدّرّة التّي ألقاها في اجتماع شُعب جمعيّة العُلماء في شأن قانُون 8 مارس المشؤوم :
حثك المجد فاعتنِ *** واكسب المجد واقتن
اسْخُ بالنّفس دونه *** فهْوَ أغلى مُثمّن
لا تقل مشعلي خبا *** واحتوى اللّيلُ مسكني
وزقا حولي الصّدى *** فاختفى صوتُ أرغُني
لك في الأرض راحة *** من جنى الخُلد تجتني
وفمٌ يُطربُ النّهى *** بالـــحداء المُلــــحّن
إنّما الشّاعرُ امرؤ *** في الورى غير هيّن
يبتني المجد قادرا *** ماهرا حيثُ يبتني
ويلي النّفع باذلا *** وُسعه فيه لا يني
فانفع النّاس كلّهم *** من مُسيء ومُحسن
واجعل الصّبر ديدنا *** إنّه خيرُ ديــــدن
غِر لشعب مُعذب *** مُستــــضام مُفتّـــن
ولسانُ عزّته في *** أرضه جم السن
يبتغي الخصم دفنَه *** تحتها شرّ مـدفن
وهو عال مُردّد *** في نداء الــمُؤذن
القوانـــين حـــوله *** كالسّـــلاح المـــُسنّن
والقـــرارات ضدّه *** مُـعلَن إثر مُـــعلن
ذنبُه أنّ سفـره *** خالد مُــــنذ أزمُن
موغل في انتشاره *** مُمعنٌ في التّمكن
آيُهُ في بــيانها *** مُـــعجزات التــــفنن
فهي راحات أنفس *** وهي قرّات أعيُن
قل لنشئ بعلمها *** وهُـــــداها مُلـــــقن
شعبك اليوم يُبتلى *** في سبيل التّــديّن
شعبُك اليوم جازع *** فاقد كل مـــــأمن
شعبُك اليوم واقع *** بين ناب وبُــرثن
فـُكّهُ لا تقل أرى *** فـَكّهُ غير مُمكن
ساحة المجد وعرة *** لم تمهّد للــــّين
كُن قويّا بها تفز *** بالنّجاح المُـــضمّن
كلّ صعب مُذلّل *** للـــقويّ المُــــهيمن
مجلّة الشّهاب , الجُزء الثالث من المُجلّد الخامس عشر .