الحمد لله نور السماوات والأرض , الحمد لله الذي احتجب عن خلقه بحجاب من نور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره منها , والحمد لله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه , والحمد لله الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى .
أما بعد : << فإنّ السعادة مطلب كلّ عاقل وأحمق وإنّما يمتاز العاقل بإصابة سبيلها , أما غيره فتلتبس عليه الطرائق حتى يظنّ أنه على سبيل نجاة وهو على شفا حفرة من الهلاك >> [ عن مقال للعلامة مبارك الميلي رحمه الله ] . ولما كانت السعادة دائرة ــ نفيا وإثباتا ــ بما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان جديرا بموقع ــ نور الهدى ــ أن يوظف جهده ولحظاتٍ من أعمار أعضاءه وقفا على معرفة ذلك وتعريفه إليك , وإرادته مقصورة على محابّه صلى الله عليه وسلم وتحبيبها إليك , وهذه أعلى همّة شمّر إليها السابقون وتنافس فيها المتنافسون , فلا جرم إذًا أنك تجد فيه من أنوار الهداية وأسباب السعادة ما يبلّغك ذلك .
وبما أن دعوة الموقع هي إلى ما جاء به صلى الله عليه وسلم , كان اسمه منه ــ( أي ممّّّّا جاء به صلىّ الله عليه وسلم)ــ , مقتبس من قول الله تعالى : (<< قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم >>) فكان نور الهدى عنوانا صادقا وشعارا دالا على المبدأ الذي تقوم عليه دعوته , من نشر العلم النافع وتزكية النفوس به وهما أمران ليس للأمّة يد في الفلاح بدونهما , فإذًا نور الهدى اسم ألهَم القرآن استعماله , وفصّل جُهد أعضائه إجماله , وشهد بذلك الواقع بصدق غاياته .
لأجل كلّ ما ذكرنا من المعاني , قامت مجموعة من الشباب الغيورين على دينهم باجتماع في الأشخاص والأبدان, وتجميع لجهود الأيدي واللّسان , فأثمر ذلك منهم هذا الكوكب المنير , الذي يستمد نوره من شمس شريعة النّبيّ صلى الله عليه وسلّم , فلا أفـُول ـ( بإذن الله تعالى )ــ لنوره ــ لا لشيء ــ إلاّ لديمومة مصدره الذي يستمدّه منه , وهو في عمله هذا يسير تحت إشراف يدي الشيخ مصطفى بلغيث حفظه الله ــ( تجد ترجمة عنه في الموقع)ــ مغترفا من علمه , مستفيدا من تجربته في الدّعوة والإصلاح , مقيّدا بمنهجه في ذلك كلّّّه .
فيا أيّها الزّائر له والناظر فيه , هذه بضاعة جهود أعضائه المزجاة مسوقة إليك , وهذه آراءهم وأفهام عقولهم معروضة عليك , لك غُنمها وعليهم غُرمها , ولك ثمرتها وعليهم عائدتها , فإن عُدم هذا منك حمدا وشكرا فلا يُعدم منك مغفرة وعذرا , وإن أبيت إلاّ الملام فبابه مفتوح , وقد :
والله وحده المسؤول أن يجعله لوجهه خالصا , ولبضاعة أعضائه مباركا , ولمن شاء من خلقه بذلك نافعا , إنّه سميع بسمعه الواسع للأصوات , قريب بعلمه المحيط بكلّ الذوات ,مجيب ــ( ولو بعد حين )ــ لمن دعاه بالدّعوات , وهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله ربّ العالمين ومليكهم .