نقلا عن مقال ــ( بعنوان : من جهلك بالحق والباطل أن تُحاول إقامة الباطل بإبطال الحق )ــ للشيخ أبو العبّاس أحمد الهاشمي ـ( رحمه الله )ـ والذي نشرته جريدة الصّراط السّوي في عددها الخامس عشر الصّادر يوم الاثنين 8 رمضان 1352 هجريّة المُوافق ل 25 ديسمبر 1933 للميلاد :
<< النّهضة بنتُ الحركة , عنها تصدر وعليها تتوقف في سائر أطوارها وفي كلّ خُطوة تخطوها إلى الأمام , النّهضة تدعو إلى المُزاحمة بالمناكب في مُعترك الحياة وإلى الظّهور على مرشح الحياة والتّصوّف سجين الحلقات حظين الخلوات ومن قال الخلوة قال السّكون بل نقول أنّ الخلوة أدلّ على السّكون من لفظ السّكون نفسه لأنّها زادت إلى السّكون ظلاما وإلى الظّلام بابا مُوصدا أو أبوابا فهي سكون في سكون في سكون فكيف يكون التّصوّف والحالة هذه مصدرا لنهضة من النّهضات أو مهمازا تُستثار به العزائم , فبين المقصدين كما ترى تمام الفرق الذي بين الحركة والسّكون ومُحاولة الجمع بينهما جمع بين الضّبّ واللون .
التّصوّف لا يعرف حكما ( بالتّحريك ) مقاضى لديه إلاّ الذوق فأبغض شيء لديه وأحرج المواقف عليه أن يتواجه مع العقل أو يفتح الباب في وجه المُناظرة بينهما , النّاس مفطورون على استفتاء قلوبهم والاستضاءة بما رُزقوه من ضياء في عقولهم , التّصوّف روحه التّسليم والاستسلام المُطلق , المفعوليّة وصف ذاتي له وهي وضيعته الحقة فينبني على هذا أنّ مجرّد الهمّ بطلب تغيير الحالة الحاضرة يتنزّل منزلة عدم الرّضى بالمقادير>> .