نقلا عن مقال بعنوان ـ( في عيد الهجرة النّبويّة )ـ للأستاذ العلاّمة مُصطفى المراغي شيخ الأزهر الشّريف , والذي نشرته مجلّة الشّهاب في جُزئها الثاني من المجلّد الخامس عشر , الصّادر في غُرّة صفر 1358 هجريّة الموافق ل 23 مارس 1939 للميلاد :
<< هذه أمّتك تنتسب إليك بالقول , وأنت لا ترضاها إلاّ عاملة مُخلصة , وتقرأ كتابك لا يُجاوز حناجرها ولا يصل إلى قلبها وأنت لا ترضاها إلاّ مُتحقّقة به ناصحة , تركتها أمّة واحدة فتفرّقت , وتركتها جسما واحدا فتمزّقت وتركتها عزيزة فذلّت وقويّة فضعُفت , شَعَبتها الأهواء وتعدّدت فيها الأدواء مُتخاذلة عن الحق قويّة في الباطل يكيد بعضها لبعض ويخذل بعضها بعضا , ولو أنّك اليوم بيننا لنكرتنا , ولو أنّك اليوم بيننا لما عرفتنا :
أمّا الخيام فإنّها كخيامكم *** وأرى نساء الحيّ غير نساءها
ولقد كان المسلمون قلّة مُستضعفة في الأرض يخافون أن يتخطّفه النّاس فآواهم الله وأمدّهم بنصره ومكّن لهم الأرض واستخلفهم فيها وصاروا مُلوكا وساسة للأمم ووُلاّة وأمراء ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم , فرفعوا رايته عالية وباعوا أنفسهم في سبيله فعزّ بهم وعزّوا به ثمّ تبدّل الحال فأصبحوا كثرة لا غَناء فيها , سلب الله من أعدائهم الرّعب منهم , وسكن قلوبهم الفرق والخوف من أعدائهم كلّ هذا والإسلام هو الإسلام ولكنّه لا يعمل إلاّ في يدي بطل ولا يصلح إلاّ إذا كان في يد شُجاع مُؤمن به >> .