ردّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 

على خطاب ابن غراب

        لو كان هذا الرجل وجّه على الجمعية أضعاف ما وجّه عليها من تهم واعتدى عليها بأضعاف ما اعتدى به عليها من سبّ وإذاية من عند نفسه وفي مجلس من أي مجالس مثله ــ لكان مُحققا من الجمعية أنها لا تسمعه , ولو سمعته لكان حقا عليها أن لا تقول له إلاّ : << سلاما >> . . ولكنّ الرجل كان ــ عن رضى واختيار ــ آلة هدم وتخريب , وبوق شرّ وفساد , في مجلس رسمي قد استدعى له الناس ليقولوا ويحتج بأقوالهم , فلهذا تنازلت الجمعية لرد افتراءات هذا النائب واعتداءاته .

        زعم أنّ الفتنة والقلاقل والمشاغب منتشرة في الوطن , وأنّ سببها هو الجمعية وكذب في الاثنين

        فأمّا في الزعم الأول فإنّ المَشاهد في الوطن كله هو السير المعتاد في الأعمال دون تظاهر ولا تجمهر ولا مصادمة بين قوتين ولا توقف عن أداء حكومي ولا تصدي لأحد بسوء , وإنما الموجود في الوطن حركة هادئة عامة نحو ما وعدت به فرنسا أبناءها الجزائريين من حقوق تعطى لهم في القريب , ولعمر الحق أنّ تسمية هذا فتنة ومشاغب وقلاقل لمن الكذب الحبريت والقلب للحقائق اللذين لا يصدران إلا عن ذمّة خربة وقلب مريض ونفس شريرة لا تبالي ماذا تجني , أو جاهلة لا تدري ماذا تقول , وإذا كنّا نسمي توجّه الجزائريين بمطالبهم في هدوء ونظام إلى فرنسا فتنة , فبماذا نسمي ما قام به أصحاب الأعناب من التظاهر في بلدان عديدة بعنف وشدة وتهديد حتى عطلوا إحدى الجلسات في النيابة المالية لإظهار استيائهم ؟ إن الأشياء ــ يا هذا ــ لا تخرج عن حقائقها بما يخلع عليها من الأسماء حسب الأغراض والأهواء .

        وأمّا في الزعم الثاني فإنّ حركة الجزائريين نحو مطالبهم من دولتهم إنّما سببه ما علموه من عناية رجال فرنسا بها وما بلغهم من : بروجي م قرنو , و : بروجي م قيوليت , ثمّ ما شاهدوه من حزم بعض نوابهم وذهابهم إلى فرنسا أولا بصورة فردية وثانيا بصورة عمومية , ثم كان ما كان منهم من استياء من أن نوابهم رُدّوا , لم يُقبلوا , وفهموا من عدم قبول نوابهم عدم قبول مطالـبهم ثم أحسوا بضغط من ناحية وضعف من الناحية الأخرى إلى ما جعل لهم من ثقة بوعود من ناحية ثالثة , فرجعوا إلى سكوتهم كسابق عادتهم واعتصموا بالانتظار الذي تعوّدُوه من أمد طويل فهم ساكتون منتظرون والله أعلم بما سيكون , هذه هي الأسباب المنطقية التي يؤيّدها الحس ويجسّمها الواقع لِمَا كان من حركة في الأمّة , ولن يستطيع تمويه غراب ومن لقّنه أن يزيد عليها أو ينقص منها .

        وزعم أن الحكومة ساعدت الجمعية أوّلا ورخّصت لها . والحكومة ما عرفت منها الجمعية مساعدة خاصة لا أوّلا ولا أخيرا , وأيّ مساعدة شاهدناها من الحكومة وقد أقرت قرار بريفي الجزائر الذي يمنع رجال الجمعية من وعظ العامّة وإرشادهم في المساجد , وأيّ مساعدة والحكومة قد أغلقت مكاتب وامتنعت من الترخيص في مكاتب أخرى لمجرّد انتماء المعلمين أو الطالـبين للتعليم للجمعية فمن الأولى مدرسة سيق ومدرسة بلعباس ومدرسة قمار ومن الثانية مدرسة القنطرة . هذا هو الواقع مع الأسف الشديد , ولكن من الحق الذي يجب أن نقوله وأن نتسلّى به أنه ليس كل واحد من رجال الحكومة راضيا بهذه المعاكسة التي لا مبرر لها والتي هي صدّ لجمعية إصلاحية تهذيبية عن الإصلاح والتهذيب . وأمّا ترخيص الحكومة للجمعية فالفضل في ذلك للقانون الفرنسي الحكيم ولولا ثقتنا بذلك القانون والرّجال العظام الساهرين على تنفيذه ما كان لنا أن نصدع بهذه الحقائق التي يريد النائب غراب وملقنوه تغطيتها .                                                                                               لها بقية

                                                                 عن الجمعية الرئيس : عبد الحميد بن باديس(الصّراط السّوي العدد الأوّل).