نقلا عن مقال بعُنوان ـ( تكثير السّواد )ـ , والذي نشرته مجلّة الشّهاب في الجُزء الرّابع من المُجلّد الخامس عشر , الصّادر في غُرّة ربيع الثاني 1358 هجريّة المُوافق ل 21 ماي 1939 للميلاد :
<< عن أبي الأسود قال : << قُطِعَ على أهل المدينة بعثٌ , فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة فأخبرته فنهاني أشدّ النّهي , ثمّ قال : أخبرني ابن عبّاس أنّ أناسا من المسلمين كانوا مع المُشركين يُكثرون سواد المُشركين على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيأتي السّهم فيُرمى فيُصيب أحدُهم فيفتُله أو يضربه فيقتله فأنزل الله تعالى (<< إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم >>) رواه البُخاريّ في كتاب الفتن .
الألفاظ : سواد القوم : أشخاصُهم , قُطع عليهم بعث : فُرض عليهم جيش يُبعث للقتل , اكتتبت : كتب اسمه في جُملة الجيش .
المعنى : كان عبد الله بنُ الزّبير قائما بمكّة , وكان عبد الملك بن مروان بالشّام , والفتنة مُشتعلة بين المسلمين بسبب النّزاع ما بينهما , فكان عبد الله بنُ الزّبير يبعث البُعوث من الحجاز إلى قتال عبد الملك بالشّام ففرض على أهل المدينة جيشا فكتب فيه أبو الأسود محمّد بن عبد الرّحمن الأسدي اسمه ليكون من جُملته , ثمّ لقي عكرمة مولى ابن عبّاس , فذكر ذلك له , فنهاه عكرمة عن أن يكون في ذلك الجيش , وأخبره عن ابن عبّاس بما كان من سبب نُزول قول الله تعالى : (<< إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم >>) وهو أنّ قوما من المسلمين كان المُشركون يُخرجونهم معهم , لا ليُقاتلوا المُسلمين , وإنّما ليُكثّروا سواد المُشركين , ويُظهروا عظم جيشهم , وكثرة عددهم في أعين المُسلمين , فكانوا يُقتلون بما يُصيبهم من رمي السّهام وضرب السّيوف , فواخذهم الله لمُجرّد تكثيرهم سواد المُشركين , وإن لم يُشاركوهم في القتال , ولا حضروه طائعين , وأنزل الآية الكريمة فيهم >> .
< السابق | التالي > |
---|