نقلا عن مقال ــ( بعنوان : الوهّابيون سنّيون حنابلة ــ زيادة بيان وتحقيق ــ)ــ للعلاّمة الأستاذ عبد الحميد بن باديس ــ( رحمه الله )ــ رئيس جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين ,والذي نشرته جريدة الصّراط السّوي في عددها الخامس الصّادر يوم الاثنين 26 جُمادى الثّانية 1352 للهجرة الموافق ل 16 أكتوبر 1933 للميلاد :
<< قد رُميَ الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب بما رُمي به في حياته ــ بأنّه يُكفّر من يتوسّل لله وقد نفى هو عن نفسه ذلك ونفاه الكاتبون عنه من بعده , ونحن كنّا قرّرنا منذ سنوات عديدة في دُروسنا لتلامذتنا وفي غير دروسنا أنّ صور هذه المسألة ثلاث : الأولى أن يقول الدّاعي يا سيّدي فُلان , الثّانيّة أن يقول يا ربّ ويا سيّدي فُلان , وهاتان مُحرّمتان ليستا من الإسلام في شيء , الثّالثة : أن يقول يا ربّ أتوسّل إليك بسيّدي فُلان , وهذه مسألة علميّة وهي محلّ الخلاف .
وقد رُميَ الشّيخ ابن عبد الوهّاب ممّا رُمي به في حياته ــ بأنّه يُكفّر من يتوسّل لله بالصّالحين من عباده , وقد نفى هو هذا عن نفسه , ونفاه الكاتبون عنه من بعده .وها نحن ننقل للقرّاء من كتاب << صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان >> للعلاّمة الشّيخ محمّد بشير السّهسواني الهندي ــ ما يبيّن لهم ذلك ويُحقّقه , قال في ص 183 :
<< وقال الشّيخ حسين بن غنام الأحسائي في ( روضة الأفكار والأفهام لِمُرتاد حال الإمام ) العاشرة قولهم في الاستقصاء لا بأس بالتّوسّل بالصّالحين , وقول أحمد يُتوسّل بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصّة مع قولهم أنّه لا يُستغاث بمخلوق ــ فالفرق ظاهر جدا وليس الكلام ممّا نحن فيه , فكون بعض يُرخّص بالتّوسّل بالصّالحين وبعضهم يخصّه بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه هذه المسألة من مسائل الفقه , ولم كان الصّواب عندنا قول الجمهور أنّه مكروه فلا نُنكر على من فعله , ولا إنكار في مسائل الاجتهاد لكن إنكارنا على من دعا المخلوق أعظم ممّن يدعوا الله تعالى ويقصد القبر يتضرّع عند الشّيخ عبد القادر أو غيره يطلب منه تفريج الكُرُبات وإغاثة اللّهفات. وإعطاء الرّغبات , فأين هذا ممّن يدعوا الله مُخلصا له الدّين , لا يدعو مع الله أحدا , ولكن يقول في دُعائه أسألك بنبيّك أو بالمُرسلين أو بعبادك الصّالحين , أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده , لكن لا يدعو إلاّ الله يُخلص له الدّين فأين هذا ممّا نحن فيه ا هـ >> .
< السابق | التالي > |
---|