نقلا عن مقال ــ( بعنوان : آثار وأخبار )ــ لمُحرّري جريدة الصّراط السّوي ـ( رحمهم الله )ـ والذي نشرته الجريدة في عددها الخامس عشر الصّادر يوم الاثنين 8 رمضان 1352 هجريّة المُوافق ل 25 ديسمبر 1933 للميلاد :
<< قد أوصل الجهل بكتاب الله بعض أدعياء العلم إلى أن جعلوا الدّعوة إلى توحيد الله ونبذ ضروب الشّرك طريقة خاصّة بابن تيميّة على معنى أنّها بدعة حصلت بعد انعقاد الإجماع ! فمن سلك هذه الطّريقة فقد عرّض دينه للخطر ! ولو نظروا في كتاب الله وتأمّلوه لوجدوا جُلّ آياته دعوة إلى التّوحيد ونبذ الشّرك . وإذا ذكرت لهم هذا قالوا تلك آيات نزلت في مُشركي مكّة , فكيف تُطبّقونها على من يشهد الشّهادتين , وهذا نوع آخر من جهالاتهم وتلبيس إبليس عليهم فإنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب , وقد قال الله تعالى : (<< وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ >>) قال المُفسّرون معناه من بلغه القرآن , فتخصيص إنذاره بمُشركي مكّة تعطيل للقرآن .
قال الغزالي في الإحياء : << وينبغي للتّالي أن يُقدّر أنّه المقصود بكلّ خطاب في القرآن , فإن سمع أمرا أو نهيا قدّر أنّه المنهي والمأمور , وكذا إن سمع وعدا أو وعيدا , وكذا ما يقف عليه من القصص فالمقصود به الاعتبار , قال تعالى : (<< وكلاّ نقصّ عليك من أنباء الرّسل ما نثبّت به فؤادك >>) وقال تعالى : (<< هذا بيان للنّاس وهدى وموعظة للمتّقين >>) وقال : (<< وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ >>) قال محمّد بن كعب الفرظي : << من بلغه القرآن فكأنّما كلّمه الله عزّ وجلّ >> اهـ كلام الغزالي >> .
< السابق | التالي > |
---|