رجال السّلف ونساؤه : وكلّ خير في اتّباع من سلف * وكلّ شرّ في ابتداع من خلف
خير القرون قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم
النّعمان بنُ عديّ العدويّ رضي الله عنه : (*)
نسبُه :
النّعمان بنُ عديّ بنُ نضلة القرشيّ العدويّ من قوم عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه .
سابقتُه :
هاجر هو وأبُوه عديّ إلى الحبشة ومات أبُوه بها .
ولايته وعزله :
ولاّه عُمر ميسان ــ بين البصرة وواسط ــ ثمّ عزله فنزل البصرة فلم يزل بها يغزو مع المُسلمين حتّى مات , وهكذا كانُوا ــ رضي الله عنهم ــ لا يُؤثر عليهم العزل فهُم يعملون للإسلام في سبيل الله في أيّام العزل مثل أيّام الولاية .
خاصّتان له :
الأولى أنّه هو أوّلُ وارث في الإسلام وأبُوه الذي مات في الحبشة أوّل موروث , والثانية أنّه هو الوحيد من بني عديّ الذي ولاّه عُمر ولم يُولّ عُمرُ رجُلا من قومه سواه قطعا لكلّ قالة سوء وبُعدا عن << المحسوبيّة >> ومُحاباة الأقربين .
أدبٌ وقدوة :
لمّا ولاّهُ عُمر ميسان أراد زوجته على الخُروج معه فأبت عليه فكتب إليها بهذه الأبيات ليُثير غيرتها فيحملها على اللّحوق به :
ألا هل أتى الحسناء أنّ حليلها *** بميسان يُسقى في زُجاج وحنتم (([1]
إذا شئت غنّتني دهاقين(2) قرية *** وصناجة (3) تجذو (4) على حرف منسم (5)
فإن كُنت ندماني فبالأكبر أسقيني *** و لا تسقني بالأصغر المُتثلم
لعلّ أمير المُؤمنين يسوءه *** تنادُمُنا في الجوسق (6) المُتهدّم
فلمّا بلغ ذلك عُمر كتب إليه : بسم الله الرّحمن الرّحيم (<< حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ــ ــ غافر الذنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلاّ هو إليه المصير >>) أمّا بعدُ فقد بلغني قولك : لعلّ أمير المُؤمنين ــ البيت ــ , وأيم الله لقد ساءني ذلك وقد عزلتُك .
فلمّا قدم على عُمر وسأله قال : والله ما كان من ذلك شيء , وما كان إلاّ فضل من شعر وجدتّه , وما شربتُها قطّ , فقال عُمر : أظنّ ذلك ولكن لا تعمل لي عملا أبدا .
برّأ نعمان نفسه فصدّقه عُمر ولم يذكُر له شأنه مع زوجته تكرّما , وكانوا على مكانتهم في الدّين يتوسّعُون في الأدب ويقرضون الشّعر على حُكم الخيال والفنّ , ولم يُنكر عليه عُمرُ ذلك , وإنّما كره أن يكون من أميره ما يكونُ من سائر النّاس وللإمارة هيبتُها اللاّزمة للضّبط والتّنفيذ , أو أن يجد من أحد وُلاّته سبيلا للطّعن ولو بشُبهة , والولاية يجبُ أن تكون بعيدة عن المطاعن والشّبُهات فما يسُوغ لعُموم النّاس قد لا يحتمل لبعضهم بحُكم المقام والمنصب , وقد قال الله تعالى : (<< يا نساء النّبيء لستُنّ كأحد من النّساء إن اتّقيتُنّ >>) وأمر رسُول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يُنزل النّاسُ منازلهم .
< السابق |
---|