النّعمان بنُ عديّ العدويّ رضي الله عنه

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 2
سيئجيد 

رجال السّلف ونساؤه : وكلّ خير في اتّباع من سلف * وكلّ شرّ في ابتداع من خلف

خير القرون قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم

النّعمان بنُ عديّ العدويّ رضي الله عنه : (*)

نسبُه :

        النّعمان بنُ عديّ بنُ نضلة القرشيّ العدويّ من قوم عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه .

سابقتُه :

        هاجر هو وأبُوه عديّ إلى الحبشة ومات أبُوه بها .

ولايته وعزله :

        ولاّه عُمر ميسان ــ بين البصرة وواسط ــ ثمّ عزله فنزل البصرة فلم يزل بها يغزو مع المُسلمين حتّى مات , وهكذا كانُوا ــ رضي الله عنهم ــ لا يُؤثر عليهم العزل فهُم يعملون للإسلام في سبيل الله في أيّام العزل مثل أيّام الولاية .

خاصّتان له :

        الأولى أنّه هو أوّلُ وارث في الإسلام وأبُوه الذي مات في الحبشة أوّل موروث , والثانية أنّه هو الوحيد من بني عديّ الذي ولاّه عُمر ولم يُولّ عُمرُ رجُلا من قومه سواه قطعا لكلّ قالة سوء وبُعدا عن << المحسوبيّة >> ومُحاباة الأقربين .

أدبٌ وقدوة :

        لمّا ولاّهُ عُمر ميسان أراد زوجته على الخُروج معه فأبت عليه فكتب إليها بهذه الأبيات ليُثير غيرتها فيحملها على اللّحوق به :

ألا هل أتى    الحسناء أنّ حليلها   ***   بميسان    يُسقى    في    زُجاج    وحنتم (([1]

إذا شئت غنّتني دهاقين(2) قرية   ***   وصناجة (3) تجذو (4) على حرف منسم (5)

فإن كُنت ندماني فبالأكبر أسقيني   ***   و   لا     تسقني       بالأصغر       المُتثلم

لعلّ   أمير    المُؤمنين    يسوءه   ***   تنادُمُنا      في    الجوسق  (6)       المُتهدّم

        فلمّا بلغ ذلك عُمر كتب إليه : بسم الله الرّحمن الرّحيم (<< حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ــ   ــ  غافر الذنب وقابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلاّ هو إليه المصير >>) أمّا بعدُ فقد بلغني قولك : لعلّ أمير المُؤمنين ــ البيت ــ , وأيم الله لقد ساءني ذلك وقد عزلتُك .

        فلمّا قدم على عُمر وسأله قال : والله ما كان من ذلك شيء , وما كان إلاّ فضل من شعر وجدتّه , وما شربتُها قطّ , فقال عُمر : أظنّ ذلك ولكن لا تعمل لي عملا أبدا .

        برّأ نعمان نفسه فصدّقه عُمر ولم يذكُر له شأنه مع زوجته تكرّما , وكانوا على مكانتهم في الدّين يتوسّعُون في الأدب ويقرضون الشّعر على حُكم الخيال والفنّ , ولم يُنكر عليه عُمرُ ذلك , وإنّما كره أن يكون من أميره ما يكونُ من سائر النّاس وللإمارة هيبتُها اللاّزمة للضّبط والتّنفيذ , أو أن يجد من أحد وُلاّته سبيلا للطّعن ولو بشُبهة , والولاية يجبُ أن تكون بعيدة عن المطاعن والشّبُهات فما يسُوغ لعُموم النّاس قد لا يحتمل لبعضهم بحُكم المقام والمنصب , وقد قال الله تعالى : (<< يا نساء النّبيء لستُنّ كأحد من النّساء إن اتّقيتُنّ >>) وأمر رسُول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يُنزل النّاسُ منازلهم .     

 



   ( 1 ) : جِرار خضر , ( 2 ) : التّجّار ورُؤساء الأقاليم , ( 3 ) : مُغنّيّة تضربُ بالصنج وهو قرصان من نُحاس تضربُ إحداهما بالأخرى , ( 4 ) :  تقعي على أطراف أصابعها مُنتصبة القدمين , ( 5 ) : أصله أحدُ ظفري البعير ,( 6 ) : القصر

( * ) : مجلّة الشّهاب , الجُزء الخامس من المُجلّد الخامس عشر .