معنى ليلة القدر

طباعة
تقييم المستخدمين: / 5
سيئجيد 

        نقلا عن مقال بعُنوان ـ( آثار وأخبار )ـ لمُحرّري جريدة الصّراط السّويّ , والذي نشرته الجريدة في عددها السّابع عشر الصّادر يوم الاثنين 22 رمضان 1352 هجريّة المُوافق لـ 8 جانفي 1934 للميلاد :

        << قال الشّوكاني : << قيل سُمّيت ليلة القدر لأنّ الله سُبحانه يُقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السّنة القابلة , وقِيل لعظيم قدرها وشرفها وقِيل لأنّ للطّاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا , وقال الخليل لأنّ الأرض تضيق فيها بالملائكة كقوله تعالى :(<< ومن قُدِرَ عليه رزقه >>) أي ضُيّق >> , تفسير الشّوكاني ( 5 : 459 ) .

        ( تعليق ) : هذا كلام الشّوكاني حذفنا منه كلمات قليلة لا تُؤثّر في فهم المراد منه , والأقوال الثلاثة الأول ذكرها أيضا مُحيي السّنّة أبو محمّد البغوي في تفسيره , ولا أرى مانعا من صدق هذه الأقوال مُجتمعة , فهي ليلة قدر بمعنى تقدير الأرزاق والآجال وغيرها لوُقوع هذا التقدير فيها , وهي ليلة قدر وشرف لنزول القرآن فيها , وللطّاعات فيها قدر وفضل على الطّاعات في غيرها , وهي ليلة تكثر فيها الملائكة بالأرض كثرة لا تكون في غيرها لقوله تعالى (<< تنزّل الملائكة والرّوح فيها >>) . وعلى تفسير القدَر بمعنى تقدير أمور الخلق يُقال كيف يتجدّد هذا التّقدير كلّ سنة وقدرُ الله أزليٌ ؟ وقد نقل البغوي جواب هذا السّؤال في تفسيره , فقال : << قِيل للحسن بن الفضل أليس قد قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السّموات والأرض ؟ قال : نعم , قِيل : فما معنى ليلة القدر ؟ قال : سَوقُ المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ للقضاء المُقدّر >> , وقد استبان من هذا أنّ اللّيلة التي تُقدّر فيها أمور الخلق هي اللّيلة التي قال الله فيها خير من ألف شهر , وسمّاها في آية الدّخان مُباركة إذ قال (<< إنّا أنزلناه في ليلة مُباركة >>) فليلة القدر واللّيلة المُباركة اسمان لليلة واحدة هي ليلة إنزال القرآن وهذه اللّيلة في رمضان لقوله تعالى : (<< شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن >>) وليست في شعبان كما يظنّه العوام الذين يفرّقون بين ليلة القدر واللّيلة المُباركة , ويعتقدون اعتقادا مُخالفا للقرآن أنّ اللّيلة المُباركة ليلة النّصف من شعبان , وبعض العوام يُسمّون ليلة النّصف من شعبان << ليلة قسّام الأرزاق >> ولهم في هذه اللّيلة خُرافات يبنونها على أساس الجهالات , وغرضُنا من هذا التّنبيه إرشاد المسلمين إلى معرفة هذه اللّيلة معرفة صحيحة كما نطق الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وبهذه المعرفة على هذا الوجه تتطهّرُ عقولهم من خُرافات وتزول عنهم جهالات >> .